dimanche 3 janvier 2010

عريضة الألف إمضاء

أصدر نقابيون من جهات و قطاعات مختلفة عريضة وطنية حول ما أسموه ب «الدفاع عن ديمقراطية العمل النقابي والتصدي للعنف والتجميد المسلطين على النقابيين».

ويأتي هذا التحرك على خلفية المستجدات الحاصلة بالاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس والتي آتينا على تفاصيلها في مقال سابق والمتمثلة خصوصا في موجة التجريد عن العمل النقابي بحسب مصطلح المعارضة النقابية أو تجميد المسؤولية النقابية بحسب القانون الداخلي للاتحاد . والمتمثلة أيضا في تعرض بعض النقابيين كما تؤكد مصادر من جهة صفاقس إلى العنف المادي واللفظي من قبل من وصفوا ب «بمليشيات محسوبة على القيادة الجهوية للاتحاد».
واعتبرت العريضة «ان ما جدّ بجهة صفاقس، وبجهات اخرى، يؤكد مرة اخرى سعي بعض الاطراف داخل الاتحاد الى الاستفراد بالرأي ومصادرة حرية التعبير وحق الاختلاف داخل المنظمة ضاربين بذلك المبادئ الاساسية والآليات الضرورية لديمقراطية العمل النقابي. وذكّرت العريضة في هذا السياق «بحملات التجميد والتجريد وانهاء التفرغات التي شهدتها عديد الجهات والقطاعات منذ انتهاء اشغال مؤتمر المنستير (2006) وتجند البعض لمحاولة تمرير مراجعة الفصل العاشر من القانون الاساسي للمنظمة».
ورفض الممضون على نص العريضة قرارات التجميد عن النشاط النقابي المتخذة في شأن كل من «نعمة النصيري (الكاتبة العامة للفرع الجامعي للعدلية بصفاقس والتي جمدت عن النشاط النقابي بسنتين)، وحسن المسلمي (الكاتب العام للفرع الجامعي للتجهيز بصفاقس 4 سنوات، ومحمد المثلوثي (الكاتب العام للنقابة الاساسية للمالية بصفاقس 4 سنوات). معتبرين هذه القرارات بمثابة «استهداف لحرية التعبير وحق الاختلاف داخل المنظمة»
وطالب الموقعون على العريضة بالغاء قرارات التجميد المتخذة ضد نقابيي صفاقس، وكل الجهات والقطاعات المذكورة ومحاسبة كل من ثبت تورطه في ممارسة العنف ضد النقابيين.
كما تمت الدعوة الى حفظ كل الملفات المشابهة والغاء العقوبات المتخذة ضد كافة النقابيين المحالين على لجان النظام على «خلفية دفاعهم على حرية التعبير والحق في الاختلاف وعن التسيير الديمقراطي للهياكل و«احترام قوانين المنظمة والكف عن اعتماد سياسة المكيالين عند التعامل مع من ثبت خرقه للنظام الداخلي والقانون الاساسي للاتحاد».
إن ما يلفت انتباه الملاحظ النقابي في هذه العريضة رغم كثرة النصوص التي تروج هذه الأيام في الساحة النقابية هو أولا العدد الضخم من النقابيين الذين امضوا عليها فقد تجاوزت الإمضاءات حسب مصادر نقابية موثوقة و إلى حد كتابة هذه السطر الألف إمضاء بعد آخر تحيين لها نشر في مواقع المعارضة النقابية يوم 23 ديسمبر2009 حيث وصلت الإمضاءات الى 823 إمضاء. وما يلفت الانتباه ثانيا هو انه قلما جمعت عريضة عددا من المسؤولين النقابيين في مواقع متقدمة من المسؤولية النقابية ومن جل القطاعات المنضوية تحت لواء الاتحاد كما جمعت هذه . فقد امضى عليها كتاب عامون من الاتحادات الجهوية والنقابات العامة والنقابات الجهوية والفروع الجامعية والنقابات الأساسية كما أمضى عليها عدد هام من أعضاء هذه الهياكل الوسطى أو القاعدية وهم يمثلون إجمالا قطاعات ذات ثقل خاص في المنظمة العمالية كالتعليم بجميع مستوياته والصحة والبريد والتجهيز والإسكان والسياحة والمالية والأشغال العمومية والبلديات وغيرها كثير من القطاعات الأخرى. غير أن المتتبع للشأن النقابي لابد أن يتفطن بسهولة إلى أن مسالة بل فلنقل معضلة الفصل العاشر من القانون الأساسي للاتحاد تظل في قلب الرحى من هذه المعركة التي أدخلت الاتحاد في جو من الأزمة الكامنة أحيانا في انتظار توضح الصورة أو الظاهرة أحيانا أخرى تؤججها صراعات داخلية كثيرا ما تؤدي الى نشوب خلافات حادة واتهامات ذات طابع أخلاقي وسياسي تتمحور حول اختلاسات واحتكار للسلطة من هذا الطرف أو طفولية يسارية واحتكار مرضي للنقاوة الثورية من الطرف الآخر يرافقها انتقالات غريبة ومفاجئة عبر مسالك عبور مفتوحة دائما من هذا المعسكر إلى ذاك ، مع ما يسفر عنه كل ذلك في بعض الحالات من اجراءات تأديبية تتناقض الرؤى بصدد مشروعيتها أو أهدافها. ففي حين تعتبر المعارضة النقابية حملات التجميد و التجريد باستعمال مصطلحها و إنهاء التفرّغات التي شهدتها عديد الجهات و القطاعات منذ انتهاء أشغال مؤتمر المنستير (2006) محاولة لتمرير مراجعة الفصل العاشر من القانون الأساسي للمنظّمة فان المسؤولين النقابيين القربيين من السلطة النقابية ينكرون ذلك جملة وتفصيلا ويرون أن الاتحاد مسؤول على درجة دنيا من الانضباط داخله وانه لا يمكن ان يغض الطرف عن تجاوزات كان ضحيتها النقابيون أنفسهم ففي تصريح ادلى به للصحافة نفى السيد محمد شعبان الكاتب العام التاريخي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس ان يكون نقابيو جهته قد تعرضوا للعنف المادي واللفظي مؤكدا في ذات الوقت حقيقة العقوبات التي سلطت على هؤلاء.
وقال السيد شعبان «إن ما أتاه النقابيون مجرد حركة للتستر عما اقترفوه مفضلا عدم الخوض في المسألة لانها تبقى مسألة داخلية بالأساس»
وحول مسألة "التجميد أوضح المتحدث " انها تأتي في إطار تطبيق القانون الداخلي للمنظمة مؤكدا ان الاجراءات المتخذة في حقهم لم تكن اعتباطية بل جاءت نتيجة قراءة ملفات النقابيين الثلاثة والتي استمرت لمدة شهرين هذا اضافة الى التقارير التي رفعها بعض العمال الذين اشتكوا تجاوزات نقابية من قبل المعاقبين
وخلص محمد شعبان الى أن النقابيين" يعملون وفقا لرؤية ديمقراطية يستمدونها من الإطار الذي يجمع جميع الشغالين"
كما أكد على رمضان الأمين العام المساعد المكلف بالنظام الداخلي والرجل القوي في المنظمة في تصريح أخر" أن الاتحاد لم يجرد أحدا فالتجريد هو سحب الانخراط وهو ما لم يتم في حين قام بتجميد المسؤولية النقابية، و قال إن قرارات اللجان الجهوية ترجع للمكتب التنفيذي الذي من حقه معاقبة من يتجاوز القانون". هذا وقد كان المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد قد اقر يوم 02 ديسمبرالحالي العقوبات الصادرة في شان نقابيي صفاقس من قيل لجنة النظام الجهوية . ومهما يكن من امر هذا الصراع فقد يكون الإقبال الشديد على إمضاء هذه العريضة دليلا على ان النقابيين يفضلون مواجهة المشكل نقابيا إذ لم يلتجئ نقابيو صفاقس على حد علمنا على شاكلة نقابيي الاتحاد الجهوي بتونس في أزمته الأخيرة الى القضاء مع العلم ان قرارات الاتحاد قابلة للطعن امام السلطة القضائية التي لا يرى البعض حرجا من الالتجاء اليها لعدم تناقض ذلك في نظرهم مع استقلالية القرار النقابي . ويتساءل البعض عن سر لزوم مسؤولي الاتحاد الصمت حول ما يروج من شائعات حول التعديل الوشيك للفصل العاشر. ان هذا الصمت قد يبدو غريبا فعلا ولكنه صمت يبرره على الأرجح خطورة هذه المسالة وحساسيتها المفرطة وهو أمر يعرفه كل ما حضر مؤتمر المنستير الصاخب الذي رفضت فيه لجنة مراجعة القانون الأساسي للاتحاد تحمل مسؤولية النظر في نقطة الفصل العاشر لتطلب عرضها على المؤتمرين أنفسهم وهي بذلك كادت أن تعصف بالمؤتمر كله في جو من الفوضى منقطعة النظير. ولولا يقظة الأمين العام للاتحاد- أو ربما خوفه على مصير المؤتمر- الذي أدرك خطورة الموقف فقرر التمسك بالفصل الذي اقره مؤتمر جربة في 2002 لكان وقع في المنستير ما لا يحسن عقباه .ان من عاش مؤتمر المنستير لابد أدرك انه بين 2006 تاريخ المؤتمر الأخير و 2011 موعد المؤتمر القادم سيعيش الاتحاد على وجع الفصل العاشر بما له وما عليه.
عبدالسلام الككلي

المصدر : الموقف ليوم 01 جانفي 2010

Aucun commentaire: