mercredi 14 octobre 2009

مؤتمر الإتحاد الجهوي للشغل بالقصرين

مؤتمر الإتحاد الجهوي للشغل بالقصرين :
الواقع الرديء والرهانات المستقبلية
انعقد مؤتمر الإتحاد الجهوي للشغل بالقصرين يوم 10 أكتوبر 2009 بعد فترة تأجيل طويلة تمكنت خلالها السلطة والبيروقراطية النقابية من ترتيب البيت النقابي بالجهة وذلك بإنجاز بعض المؤتمرات التي حفتها عديد الخروقات القانونية والتدليس بالفلاحة بحاسي الفريد وسبيبة في ظل تواطىء واضح من قبل المشرفين على تلك المؤتمرات.
انعقد المؤتمر بـ116 نيابة تركزت في الفلاحة (21) والحلفاء (18) والتعليم الأساسي (17) والثانوي (16) والقطاعات المرتبطة بها (السليلوز وعملة التربية 8) ومثلت هذه القطاعات ما يفوق 80 في المائة من النيابات.
وفي حين مثلت نيابات الحلفاء والفلاحة كتلة متجانسة تتحكم فيها أكثر الرموز النقابية رداءة والمؤتمرة بأوامر لجان التنسيق والشعب وكواسر البيروقراطية من دعاة التوريث، ظلت نيابات التعليم كالعادة مشتتة ومرشحوها منقسمون على أنفسهم بل متناحرون ومتسابقون على الإصطفاف وراء الرموز السيئة للقطاعات المتدنية الوعي وتلك من أغرب مفارقات عقلية التموقع !!
و"تنافست" على الفوز بمقاعد المكتب التنفيذي "قائمتان" غير معلنتان، مثلت الأولى قائمة السلطة والبيروقراطية النقابية وكرست تواصل العقلية العروشية والقبلية والتزمت فيها نيابات الحلفاء والفلاحة بالتصويت المنضبط بنسبة 80 في المائة استفاد منها مرشحو التيار العروبي المسنود وطنيا من البيروقراطية.
أما القائمة الثانية فهي ظل الأولى، لا تختلف عنها من حيث الجوهر حاولت ظاهريا أن تلف حولها نيابات ومرشحي المعتمديات لمواجهة القائمة الرسمية أو لتفرض شروط تفاوض معينة لكن عنصريها الرئيسيين من المكتب السابق نسجا من وراء مكوناتها علاقات مشبوهة مع رموز السلطة، علاوة على وساطات كواسر البيروقراطية، من أجل الضغط على ممثلي القائمة الرسمية والقبول بهما تحت الطاولة في التشكيلة الجديدة، وفعلا تحصلت القائمة الرسمية على 7 عناصر هي عمر المحمدي (الفلاحة) والصنكي الأسودي (الغابات) وعدنان العامري (تعليم اساسي) واحمد الطالبي (صحة) ويونس العلوي ومحمد الرمكي (ثانوي) والصادق المحمودي (ثانوي) أي أغلبية مريحة، في حين تحصلت القائمة الثانية على عنصرين فقط وهما محمد الصغير السايحي (ثانوي) ويوسف العبيدي (أساسي) الذين استفادا هما أيضا من نيابات الفلاحة والحلفاء رغم تواجدهما في قائمة مضادة (القائمة الظل).
لقد كشفت قراءة خارطة التصويت الإلتقاءات الإنتهازية بين العناصر المتنفذة من المكتب التنفيذي القديم، كما كشفت درجة المراوغة والتضليل الذي ذهبت ضحيته بعض العناصر اليسارية التي انحسرت في نياباتها الخاصة ولم تنل أي صوت يذكر من أي كان !! وخذلتها حتى العناصر المحسوبة على اليسار والديمقراطية ومقاومة البيروقراطية. وبذلك يكون المؤتمر قد وجه رسالة واضحة للجميع وهي أن ثالوث الحزب الحاكم والبيروقراطية النقابية والقبيلة لازال يمسك بالجهة بقوة وأنه هو الذي يقوم بالتعيينات الفردية في الإتحاد الجهوي، إذ هو الذي أسقط الكاتب العام القديم غير المرغوب فيه وهو الذي يضرب اليسار بعناصر اليسار أنفسهم ويشتت قواهم ويزرع بينهم الفرقة والفتنة. وما الحديث عن الإنتخابات والقوائم المختلفة إلا واجهة صورية تغري اللاهثين وراء السراب والواهمين بوجود خلافات بين القوائم والمنقادين السذج بالوعود الزائفة من قبيل "هذه القائمة قبلت بفلان" والأخرى بفلتان "ووصل الأمر بعديد العناصرغير التجمعية إلى درجة ممارسة الضغط على بعضها البعض من أجل انسحاب هذا النقابي أوذاك بغاية فسح المجال للتواجد بالقائمةالرسمية والحال أن التوصيات كانت صارمة ومفادها أن لا مجال لتواجد العناصر اليسارية مهما كان الثمن ولا مجال حتى للعناصر الديمقراطية إلا من كان منها متشبثا بالموقع قبل الموقف، لينا، طيعا، خدوما لا يعادي ويجامل.
من جهة أخرى أظهر المؤتمر أن جهة القصرين لا تنقصها الطاقات النقابية المناضلة والصادقة مع قطاعاتها ومنخرطيها وخصوصا منها قطاعات التعليم والسليلوز. لكن الداء القاتل لهؤلاء المناضلين من التيارات اليسارية والديمقراطية هو التشرذم والتشتت والتآكل والتطاحن والتذييت المفرط وعدم الفهم للرئيسي والثانوي في الصراع النقابي. فالرئيسي في قضية الحال هو التصدي لرموز السلطة وكواسرالبيروقراطية وموظفي التفكير القبلي والنعرات العروشية. يترجم ذلك بالتصدي لتدليس مؤتمرات الحلفاء (18 نيابة مدلسة) والفلاحة (قوائم المنخرطين المنتفخة والمضخمة بنسبة 40 في المائة) التي تتقوى بها القائمة الرسمية وفضح الإصطفافات الإنتهازية التي يقوم بها بعض المحسوبين على اليسارمن "قائمة الظل" ومن غيرها وألحقوا ضررا فادحا بمكوناته ومبادئه وتكتيكاته. والثانوي هو ما برز من خلافات تقديرية مع هذا الطرف أوذاك في هذا الموقف أو بمناسبة هذا التحرك أو ذاك.
إن عدم قدرة المجموعات والتيارات الديمقراطية على إيجاد أرضية نقابية ديمقراطية دنيا يعود من جملة ما يعود إلى النفخ في الخلافات وعدم تنسيبها وانعدام الثقة نتيجة كثرة الطعنات والطعنات المضادة. ناهيك عن سياسة تقديس المواقع والإحتراب من أجلها مع ما يصاحبها من نظرة فئوية ضيقة للأشياء. وينسى هؤلاء جميعا أن ما ينتظر النقابيين في القادم من الأيام سواء في القصرين أو غيرها هو اتمام الهجوم على المكاسب التقليدية للعمل النقابي وتصفية الديمقراطية النقابية والقضاء على الهوامش المحدودة من الإستقلالية النقابية والإعداد شبرا شبرا للمجلس الوطني الذي سوف ينقلب على مقررات مؤتمر المنستير. ولا نحسب التشكيلة النقابية التي وقع افرازها في القصرين قادرة على رفع التحدي والذود على العمل النقابي الديمقراطي والمستقل، إذ حتى العناصر الجديدة الوافدة على المكتب التنفيذي (3) هي عناصر مهزوزة ليست ذات حضور نقابي في المعارك النقابية وهي مشدودة بحبال الحلفاء للقبيلة والبيروقراطية والسلطة.
فمتى سيستوعب النقابيون الديمقراطيون الدرس ويستخلصون العبر من هذا المؤتمر الرديء الذي شتت قوى المقاومة النقابية؟ ومتى سيقيّم الجميع اخطاءه القاتلة بروح نقدية صارمة من أجل التجاوز الواعي لواقع التهميش والضعف النقابي؟
ولماذا لا ينسج مناضلو القصرين على منوال جهات مثل القيروان وسليانة وسوسة ونابل وتجربة التعليم الأساسي حيث تشكلت النواتات الجبهوية الديمقراطية بأشكال مختلفة متناسبة مع درجة تطور العمل النقابي وموازين القوى وحققت نسبا مختلفة من التعايش النقابي الديمقراطي ومن التأثير الإيجابي على مجريات الأحداث النقابية؟
أسئلة محرجة نطرحها على أهل الذكر وعلى العناصر اليسارية بالجهة باختلاف مشاربها علها تستفزهم على دفع النقاش والتقييم الجدي فتساهم في الإرتقاء بالممارسة النقابية، إذ العيب ليس في الخطإ بل في المواصلة فيه والتشبث الأعمى بالنظرة الأحادية وإلقاء اللوم على الآخر والإدعاء بامتلاك الحقيقة.

Aucun commentaire: